الجمعة 14 نوفمبر 2025 | 08:02 م

منهم «كير» و«ماس».. أذرع جماعة الإخوان الإرهابية في أمريكا تحت مجهر الكونجرس


مع اقتراب الإدارة الأمركية من تصنيف جماعة الإخوان المسلمين رسميًا كمنظمة إرهابية، وذلك بعد مطالبة عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي إصدار قرار بذلك، اتخذ المشرعون في الكونجرس سبلًا متعددة لعرقلة جماعة الإخوان ماليًا، بما في ذلك فرض قيود على التمويلات الأجنبية ومراجعة النشاطات التي تمثل تهديداً للأمن القومي الأمريكي.

وقد بدأت هذه الجهود تكتسب زخماً خلال الأشهر الماضية، عندما عقد معهد دراسة معاداة السامية العالمية والسياسات إحاطة مغلقة لموظفي الكونجرس، "ركزت على وضع استراتيجيات لحظر التهديد المتزايد لجماعة الإخوان المسلمين في الولايات المتحدة"، وفقاً للبيان الصحفي الصادر عن المعهد.

منذ ستينيات القرن الماضي، نجحت جماعة الإخوان المسلمين في تأسيس موطئ قدم لها داخل الولايات المتحدة، مستغلة موجات الهجرة القادمة من الشرق الأوسط وجنوب آسيا بحثاً عن التعليم الجامعي والفرص المهنية. وبين هؤلاء، فرّ بعض أعضاء الجماعة هرباً من القمع السياسي في مصر ودول عربية أخرى، ليجدوا في البيئة الأمريكية فرصاً للتعبير عن أفكارهم ونشر أيديولوجيتهم تحت غطاء النشاط الثقافي والتعليم والخيري.

ظهرت أولى واجهات الإخوان باسم "الجمعية الثقافية"، لتكون غطاءً لنشاطاتهم الفكرية والسياسية داخل المجتمع الأمريكي، وسط بيئة تسمح بحرية التعبير والتنظيم، والتي لم تتوفر لهم في بلدانهم الأصلية. في الوقت ذاته، بدأت المؤسسة الوهابية السعودية مشروعها العالمي للأسلمة، فأسست رابطة العالم الإسلامي عام 1962 بمكة، لتصبح منصة تمويل ودعم للفكر الإسلاموي حول العالم. وقد أنفق النظام السعودي نحو 75 مليار دولار لدعم الإسلاموية على الصعيد العالمي، وجزء من هذا التمويل تدفق إلى الولايات المتحدة لدعم واجهات الإخوان هناك، بهدف تبييض صورة الفكر الوهابي وتحويله إلى تيار "مقبول" في المجتمع الأمريكي.

عام 1962، تأسس اتحاد الطلاب المسلمين في أمريكا الشمالية على يد شخصيات إخوانية بارزة مثل أحمد توتونجي، جمال برزنجي، وهشام الطالب. لم يكن الاتحاد مجرد تجمع طلابي، بل كان منصة لتوزيع ترجمات كتب سيد قطب وحسن البنا، إضافة إلى تجنيد أعضاء جدد، ما شكّل نواة شبكة إخوانية واسعة في الولايات المتحدة. ومن رحم هذا النشاط، نشأت لاحقاً شبكة من المؤسسات والواجهات الكبيرة، منها الاتحاد الإسلامي الدولي للمنظمات الطلابية عام 1969، والندوة العالمية للشباب الإسلامي عام 1972.

وفي عام 1973، أسس الإخوان الصندوق الإسلامي لأمريكا الشمالية بتمويلات سخية من بعض الدول الخليجية، ليتمكن من السيطرة على مئات المساجد والمدارس والمراكز الإسلامية، ويصبح إحدى الركائز الأساسية لمشروع الجماعة في الولايات المتحدة بحلول الثمانينيات. ومع مرور الوقت، بدأ الإخوان في تأسيس مؤسسات فكرية وأكاديمية لتوسيع نفوذهم الثقافي والسياسي، مثل المعهد العالمي للفكر الإسلامي (IIIT) الذي تأسس عام 1981 في ولاية فرجينيا تحت شعار "أسلمة المعرفة"، بهدف إعادة صياغة التاريخ والعلوم بما يخدم الرؤية الإسلاموية.

شارك في تأسيس المعهد كل من برزنجي، توتونجي، عبد الحميد أبو سليمان، طه جابر العلواني، يعقوب ميرزا، سيد سعيد، وأنور إبراهيم، نائب رئيس وزراء ماليزيا لاحقاً. ونجح المعهد في التغلغل داخل المؤسسات الأمريكية، إلى درجة أن إدارة الرئيس جورج بوش الأب أوكلت لعبد الرحمن العمودي، أحد رموز المعهد، مهمة اختيار أئمة الجيش الأمريكي، قبل أن يُدان لاحقاً بتمويل الإرهاب ويُحكم عليه بالسجن 23 عاماً.

في نفس العام، تأسست الجمعية الإسلامية لأمريكا الشمالية (ISNA) لتصبح أكبر مظلة إسلامية في الولايات المتحدة، وامتداداً مباشراً لاتحاد الطلاب المسلمين، ولتتحول إلى الذراع العلني للإخوان بين المهاجرين والجاليات المسلمة. تلقت إسنا تمويلات ضخمة من دول خليجية عبر البنك الإسلامي للتنمية، وارتبطت مباشرة بـ رابطة العالم الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي، ما منحها قدرة على التوسع في شراء مساجد ومدارس ومراكز ثقافية.

ومع مرور الوقت، بدأت جماعة الإخوان في تأسيس واجهات ضغط سياسي وإعلامي، أبرزها مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير – CAIR)، والجمعية الأمريكية للمسلمين (MAS)، والتي تحولت إلى أدوات ضغط داخل الكونغرس والبيت الأبيض. وكشفت تحقيقات أمريكية لاحقة عن صلات كير وماس بحركة حماس والتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، ما أثار جدلاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والقانونية الأمريكية.

ومن أبرز قيادات الإخوان في أمريكا:

سيد سعيد: مؤسس بارز لإسنا وعضو استشاري في كير، لعب دوراً رئيسياً في توجيه النشاط الطلابي والسياسي للإخوان.

جمال بدوي: إخواني مصري وعضو بارز في إسنا والصندوق الإسلامي، درس في جامعة عين شمس، وله تاريخ طويل في قيادة المبادرات الدينية والسياسية للجماعة.

طه جابر العلواني: أحد مؤسسي المعهد العالمي للفكر الإسلامي، وأستاذ سابق بجامعة الإمام محمد بن سعود، تولى رئاسة المجمع الفقهي في أمريكا ولعب دوراً مركزياً في توجيه الفقه الإسلامي بما يتوافق مع أهداف الجماعة.


تشير وثائق رسمية إلى أن جماعة الإخوان استخدمت هذه المؤسسات التعليمية والدينية كمصدر لتجنيد الأعضاء وتمويل الحملات السياسية والإعلامية، إضافة إلى إخفاء بعض الأنشطة ذات الصلة بالإرهاب الدولي. كما كشفت التحقيقات أن بعض قيادات الإخوان في أمريكا استغلوا المنح والتمويلات الخليجية لتوسيع نفوذهم، وشراء ولاءات مؤسسات أمريكية، ما أثار مخاوف الكونجرس من أن تكون هذه المؤسسات أذرعاً للتأثير السياسي الخارجي.

وقد شهدت السنوات الأخيرة تصاعد تدخل الكونجرس الأمريكي، حيث بدأت لجنة الأمن الداخلي بمراجعة التمويلات والأنشطة التي تمثل تهديداً للأمن القومي، ووجهت استفسارات مباشرة إلى مؤسسات مثل كير وماس وإسنا والمعهد العالمي للفكر الإسلامي. وأشار المسؤولون الأمريكيون إلى أن هذه المؤسسات كانت على اتصال مباشر بالقيادات الدولية للإخوان، وأن بعض تمويلاتها كانت تهدف لدعم مشاريع مرتبطة بتنظيمات إرهابية خارج الولايات المتحدة.

ويؤكد خبراء مكافحة الإرهاب أن هذه الشبكة لم تعد مجرد نشاط ديني، بل أصبحت أداة ضغط سياسي واستراتيجي، حيث تقوم بإعداد الدراسات والتقارير والتوصيات السياسية، وتوظيف اللوبي الإعلامي للضغط على صانعي القرار الأمريكي، إضافة إلى محاولة التأثير على التشريعات المتعلقة بمكافحة الإرهاب والسياسات الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.

وتشير تقارير أمريكية إلى أن بعض الشخصيات المرتبطة بهذه المؤسسات كانت لها أدوار غير معلنة في نقل التمويلات والمساعدات إلى تنظيمات إرهابية، أو تقديم الدعم اللوجستي لأفراد مرتبطين بحركة حماس والجماعة الدولية للإخوان، ما جعل هذه المؤسسات تحت أنظار الكونغرس بشكل دائم.

وفي هذا الإطار، اعتبر المسؤولون الأمريكيون أن أن بعض مؤسسات الإخوان في أمريكا تعمل كأذرع ضغط خارجية، وأنها تستغل الحريات الأمريكية لتوسيع نفوذ الجماعة دولياً، وهذا يمثل تهديداً حقيقياً على الأمن القومي."

ويؤكد خبراء، أن كير وماس وإسنا والمعهد العالمي للفكر الإسلامي ليسوا وحدهم، بل هناك شبكة واسعة من الشركات والمؤسسات الإعلامية والفنية التي تتلقى تمويلاً من نفس المصادر، وتشارك في حملات الترويج للأيديولوجيا الإخوانية، بما في ذلك إنتاج أفلام وبرامج تعليمية وإعلامية تستهدف الجاليات المسلمة في أمريكا.

في هذا السياق، يرى مراقبون أن الكونجرس الأمريكي سيستمر في مراقبة هذه المؤسسات، وأن هناك احتمالية أن تشهد السنوات المقبلة مزيداً من التحقيقات والقيود على التمويلات الأجنبية والأنشطة السياسية لهذه الكيانات، بما يحد من قدرتها على العمل كأذرع للتنظيم الدولي للإخوان الإرهابي.

وفي الخلاصة، يمكن القول إن الإخوان المسلمين في أمريكا، منذ الستينيات وحتى اليوم، نجحوا في استغلال بيئة الحرية الأمريكية لتأسيس شبكة مؤسسات تعليمية ودينية وخيرية، سرعان ما تحولت إلى أدوات ضغط سياسي وإعلامي واقتصادي، وأصبحت تحت مجهر الكونجرس الأمريكي، الذي يراقب عن كثب نشاطاتها وتمويلاتها، في محاولة لكشف أي صلة لها بالإرهاب الدولي وتأثيرها على الأمن القومي الأمريكي.

استطلاع راى

هل ترى أن دور الأحزاب السياسية في مصر يعكس طموحات الشارع ويسهم في حل المشكلات اليومية؟

نعم
لا

اسعار اليوم

الذهب عيار 21 5380 جنيهًا
سعر الدولار 47.51 جنيهًا
سعر الريال 12.67 جنيهًا
Slider Image